8/18/2009زاهر بن حارث المحروقي :
" 1 "
يتجدد النقاش كل عام حول مسألة رؤية الهلال خاصة أهلة رمضان وشوال وذي الحجة لارتباط هذه الشهور بالصوم والفطر والحج لدرجة أن النقاش في هذه المسألة أصبح عقيما لكثرة ترداده ولكن تبدو في الأفق الآن ولله الحمد بوادر جيدة لتوحيد الرؤية خاصة بعد تطور العلم وبعد موافقة العلماء الأخذ به إلا أنه حتى في هذا العالم سيتم تحري هلال شهر رمضان المبارك في العالم الإسلامي في يومين مختلفين، فقسم من الدول يعتبر يوم الخميس المقبل هو يوم 29 شعبان ويتحرى فيه رؤية الهلال بينما يعتبر قسم آخر يوم الجمعة هو يوم التحري ، ومن القسم الأول الدول العربية عدا السلطنة والمملكة المغربية وموريتانيا، أما القسم الثاني فيضم دولا إسلامية منها السلطنة وبنجلاديش والهند وباكستان وإيران والمملكة المغربية وموريتانيا والعديد من الدول الأفريقية.
وقد أوضح بيان صدر عن المشروع الإسلامي لرصد الأهلة بدبي استحالة رؤية هلال رمضان يوم الخميس في جميع مناطق العالم الإسلامي نظرا لغروب القمر قبل أو مع غروب الشمس في جميع مناطق العالم الإسلامي . وعلى ذلك رأى البيان أنه نتيجة لاختلاف الدول الإسلامية في بداية شهر شعبان ينبغي أن تكمل الدول الإسلامية التي اعتمدت رؤية هلال شعبان مساء الخميس العدة 30 يوما وأن يكون يوم السبت 22 أغسطس هو أول أيام شهر رمضان المبارك .
واستنتج البيان أن معظم الدول ستتمكن من رؤية الهلال يوم الجمعة ليكون السبت هو أول أيام شهر رمضان المبارك. واستعرض البيان تفاصيل وضع القمر يوم الخميس 20 أغسطس في بعض المدن العربية والإسلامية مشيرا إلى أن القمر سيغيب قبل غروب الشمس بـ 6 دقائق في كل من بغداد ودمشق وبيروت وعمّان، وقبل غروبها بـ 5 دقائق في كل من الكويت وعُمان والقدس وتونس كما سيغيب قبل 4 دقائق من غروبها في كل من أبو ظبي والدوحة والمنامة والقاهرة والجزائر وسيغيب قبل 3 دقائق من الغروب في الرياض وطرابلس، وقبل دقيقة واحدة في مكة المكرمة وسيغيب مع الشمس في صنعاء والخرطوم .
أما يوم الجمعة 21 أغسطس فسيغيب القمر بعد الشمس بما يتراوح بين ثلاثين وأربعين دقيقة تقريبا، وسيتراوح عمره عند الغروب بين 28 ساعة وعشر دقائق و34 ساعة و32 دقيقة حسب بيان المشروع الإسلامي لرصد الأهلة ، وعليه ستكون الرؤية ممكنة بالعين المجردة ولكن بصعوبة وفي حالة صفاء الغلاف الجوي فقط ، وقد لا يُرى الهلال إلا باستخدام المراصد في هذه المناطق في حالة عدم صفاء الغلاف الجوي مع كون الرؤية أفضل في مكة المكرمة.
أما في القاهرة فقد صرح د. صلاح محمد محمود رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن يوم الجمعة المقبل سيكون المتمم لشهر شعبان وأن غرة رمضان ستكون فلكياً يوم السبت 22 أغسطس مضيفا أن الحسابات الفلكية التي أجراها علماء المعهد تشير إلى أن هلال رمضان للعام الهجري الجاري 1430 لن تثبت يوم 20 أغسطس الجاري لأنه سيولد مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة العاشرة ودقيقتين صباحاً يوم الخميس وسيغرب قبل غروب شمس ذلك اليوم في مدينة القاهرة بـ 4 دقائق وفي باقي المحافظات بمدد تتراوح ما بين دقيقة و4 دقائق وعليه فإنه سيكون من المتعذر رؤية الهلال في ذلك اليوم .
" 2 "
يرى المهندس محمد شوكت عودة مدير المشروع الإسلامي لرصد الأهلة في مقال تحت عنوان هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية الذي نشره موقع إسلام أون لاين أن الدول الإسلامية تختلف في تحديد بدايات الأشهر الهجرية للأسباب التالية:
1 - تدعو بعض الدول الإسلامية المواطنين لتحري الهلال فإذا جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته حتى لو دلت الحسابات الفلكية على أن رؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة وهو ما يحصل حاليّاً في العديد من الدول الإسلامية. 2 - هناك دول إسلامية أخرى ترد شهادة الشاهد إذا كانت رؤية الهلال مستحيلة ولكن هناك دولا أخرى تقبلها حتى لو كانت غير ممكنة ومثال ذلك المملكة العربية السعودية (ابتداء من عام 1419 هـ).
3 - وهناك دول إسلامية لا تعتمد رؤية الهلال أصلاً بل تعتمد شروطاً فلكية معينة ومثال ذلك ليبيا التي تعلن رسمياً أنها لا تعتمد رؤية الهلال بل يبدأ الشهر الهجري في ليبيا إذا حدث الاقتران قبل الفجر .
4 – للأسف إن معظم الدول الإسلامية لا تتحرى الهلال على مستوى رسمي بل تكتفي بدعوة المواطنين للتحري! فالدولة العربية الوحيدة التي تتحرى الهلال كل شهر وليس فقط رمضان وشوال بشكل رسمي وتعلن نتائج التحري رسمياً وبشكل فوري عبر وسائل الإعلام هي المملكة المغربية فهي تتحرى الهلال من حوالي 270 موقعاً موزّعاً على مختلف أنحاء المملكة المغربية وتشارك القوات المسلحة في عملية التحري أيضاً ، وكذلك فإن نظام التحري في سلطنة عمان مشابه للنظام المغربي وفي المقابل فإن معظم الدول الإسلامية تدعو المواطنين لتحري الهلال وتقبل شهادة أي مواطن برؤية الهلال مع العلم أن هذا الشاهد قد لا يكون على علم بوقت ومكان الهلال ولا حتى بشكله فإذا ما شاهد أي جرم في السماء اعتقده الهلال 5- تأخذ بعض الدول الإسلامية بمبدأ اتحاد المطالع فإذا علمت أن إحدى الدول قد أعلنت ثبوت رؤية الهلال فإنها تتبعها فوراً حتى دون التأكد من صحة رؤية الهلال ومثال ذلك الأردن.
وفي المقابل فإن بعض الدول الإسلامية تأخذ باختلاف المطالع ولا تقبل رؤية الهلال إلا من داخل أراضيها ومثال ذلك السعودية .
يتساءل محمد شوكت عودة هل نتبع الحسابات الفلكية أم رؤية الهلال؟ وهل المقصود باتباع رؤية الهلال هو قبول شهادة أي شاهد برؤية الهلال حتى لو توافر العلم اليقيني الذي يفيد خطأ هذه الشهادة ؟ أو حتى قبولها في اليوم الثامن والعشرين من الشهر الهجري كما حدث في بعض الدول عام 1984م؟ وفي المقابل ماذا نقصد باعتماد الحسابات الفلكية ؟ إن بعض الفلكيين بالغوا بهذا الجانب لدرجة مطالبتهم ببدء الشهر بمجرد حدوث الاقتران (المحاق أو تولد الهلال) قبل غروب الشمس وهذه مخالفة واضحة لأمر الله عز وجل الذي ربط مواقيت المسلمين بالهلال وليس بالمحاق ، ومن هنا يبرز جليّاً أن التوفيق بين الرؤية والحسابات الفلكية ضرورة لا مفر منها فكيف نقبل شهادة شخص برؤية الهلال ونحن نعلم أن القمر قد غاب قبل الشمس؟ وفي المقابل كيف نبدأ الشهر ولم يُر الهلال من أية منطقة في العالم الإسلامي كما يحدث في معظم الأحيان؟! ونحن نرى أن الاقتراحين التاليين قد يكون لهما الأثر الواضح في معالجة مشكلة تحديد بدايات الأشهر الهجرية في العالم الإسلامي :